برلين (د ب أ) – كِرش .. أرداف ممتلئة .. دهون متراكمة في منطقة الخِصر .. أذرع ضخمة من أعلى، في عصر زيادة الوزن التي أصبحت تمثل مشكلة عالمية، يحتوي جسم كل شخص تقريباً ينعم بالرفاهية والرخاء على موضع ممتلىء بالدهون يرغب في أن يجعله أنحف. ولهذا السبب تُعد عملية شفط الدهون من أكثر التدخلات الجراحية التجميلية شيوعاً في الوقت الحالي.
ويبدو اسم العملية جميلاً للغاية؛ فبدلاً من الانخراط في تدريبات قاسية واتباع حميات غذائية صارمة يذهب المرء للطبيب ويتخلص من دهون كثيرة في وقت قصير. غير أن الأمر ليس بهذه البساطة، ويؤكد يواخيم غراف فون فينكنشتاين عضو الجمعية الألمانية للجراحات التجميلية بالعاصمة برلين، على هذا المعنى قائلاً :”عملية شفط الدهون لا تُشكل بديلاً لإنقاص الوزن. فمَن يعتقد أن وزنه سينقص كيلوغرامات كثيرة بعد إجراء عملية شفط الدهون، فهو مخطىء”.
وينبغي على الأشخاص الذين يزيد مؤشر كتلة الجسم «Body Mass Index» لديهم على 25، البدء أولاً بممارسة الرياضة وتغيير النظام الغذائي من أجل التخلص من الأرطال الزائدة. ويقارن فون فينكنشتاين بين عملية شفط الدهون وسبل إنقاص الوزن، قائلاً :”الحمية الغذائية والرياضة يُشكلان الجسم بأكمله، أما عملية شفط الدهون فتؤثر فقط على مناطق معينة بالجسم تعاني من زيادة الدهون”. وأشار فينكنشتاين إلى أن مناطق الجسم الممتلئة بالدهون يمكن أن تسبب لمرضى البدانة إزعاجاً مستمراً وأن تُشكل لهم عبئاً جسدياً ونفسياً على حد سواء، قائلاً :”أحياناً يمارس المرء الرياضة بكثرة كيفما شاء، ومع ذلك لا تقل الدهون المتراكمة في منطقة الخِصر والأرداف بالشكل المرغوب. وفي هذه الحالة يمكن أن تقدم عملية شفط الدهون مساعدة قيمة، وتشجع على مواصلة إنقاص الوزن”.
غير أن عملية التجميل تخضع لحدود واضحة. ويقول البروفيسور دينيس فون هايمبورغ، أخصائي الجراحات التجميلية بمدينة فرانكفورت غربي ألمانيا، :”لا يجوز إزالة الكثير من الدهون بشكل مبالغ فيه، وإلا فقد يصبح الجلد كثير التجاعيد أو مرتخياً ومن ثم يحتاج إلى شده”. وأشار هايمبورغ إلى أنه في التدخلات الجراحية الصغيرة التي تتم في العيادات الخارجية يتم شفط 2 لتر من الدهون كحد أقصى. ويلتقط فينكنشتاين طرف الحديث ويقول :”في التدخلات الجراحية الكبيرة يمكن أيضاً أن تزداد كمية الدهون التي يتم شفطها بعض الشيء”.
ومن المهم أن تتم عملية شفط الدهون بشكل متساو يحافظ على الجسم، وذلك للوقاية من حدوث أعراض جانبية غير مرغوب فيها، والتي يمكن أن تظهر في صورة تجاويف أو تورمات. وفي هذه العملية يتم شفط طبقات الدهون “الزائدة” فقط؛ حيث يجب أن تظل هناك طبقة دهنية بين الجلد والعضلة. وهنا يحذر فون هايمبورغ، قائلاً :”وإلا فقد يحدث التصاق”، مشيراً إلى أنه من الممكن أن يزداد وزن المرضى في هذه المناطق مرة أخرى بعد إجراء العملية الجراحية حتى إذا لم تنمو الخلايا الدهنية المشفوطة مجدداً، معللاً ذلك بقوله :”الطبقة الدهنية المتبقية يمكن أن تتمدد بعض الشيء مرة أخرى”. غير أن هذا الأمر لا يُعد خطيراً في المعتاد. ويؤكد فون فينكنشتاين :”من المهم دائماً أن تتم عملية شفط الدهون بشكل متناغم مع خطوط الجسم، كي تبدو النتيجة جيدة”.
ومن يرغب في التخلص من كتل الدهون المزعجة، ينبغي عليه أن يبحث أولاً عن طبيب كفء؛ حيث يعج سوق جراحي التجميل على وجه الخصوص بالمحتالين وبخدمات رديئة الجودة. ويشير يوهانس بروك، نائب رئيس رابطة جراحي التجميل الألمان، إلى أن العروض المغرية تقدم السعر الأفضل دائماً، ولكنها لا تقدم أفضل جودة. وأضاف بروك :”لذا سرعان ما يمكن أن يتكبد المرضى تكاليفاً باهظة لا يمكن تقديرها. وفي أسوأ الحالات يمكن أن تحدث مضاعفات يتوجب علاجها فيما بعد”.
وبالإضافة إلى ذلك يؤكد فون هايمبورغ أن عملية شفط الدهون تحتاج إلى متابعة ورعاية لاحقة. وسواء كان المريض يعاني من كدمات أو تورمات أو آلام شديدة، فيجب عليه الذهاب إلى الطبيب. ويشدد هايمبورغ :”يتعين على المرضى الذهاب إلى الطبيب المعالج كي يتمكن من إصدار حكم عن مدى شفاء الجرح”، مشيراً إلى أنه كثيراً ما يُنظر إلى عملية شفط الدهون باعتبارها عملية تصحيح تجميلية سريعة وغير ضارة، الأمر الذي يُعد تقليلاً من خطورتها. ويدلل فون هايمبورغ على خطورة عملية الدهون بقوله :”كل عام يموت أشخاص بسبب مخاطر مثل هذه التدخلات الجراحية وآثارها الجانبية”.
ومن ناحية يكمن سبب ذلك في استخفاف المرضى بعوامل الخطورة أو عدم مراعاتها، مثل ضعف القلب أو الحساسية أو اضطرابات شفاء الجروح. ومن ناحية أخرى يمكن أن يترتب على الأخطاء الصحية التي يرتكبها الطبيب المعالج أو نقص سُبل الوقاية من التخثرات الدموية عواقب وخيمة. ومن هذا المنطلق ينصح جراج التجميل الألماني فون هايمبورغ قائلاً :”لهذا السبب ينبغي على المرضى أن يستعلموا عن المؤهلات العلمية للطبيب بدقة”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق